بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان الدكتور الجنيدي من كلية القاتون يكتب
الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان "حقوقنا، مستقبلنا، فوراً" يشكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الإرث البشريّ حقوقياً، والركن الأساس في المنظومة الحقوقية الدوليّة، باعتباره أول توافق عالميّ على المعايير الدنيا لحقوق الإنسان، ضماناً لصون الكرامة الإنسانيّة، حيث اكتست حقوق الإنسان بموجب هذا الإعلان بُعداً عالميّاً توافقيّاً، جسّد خلاصة التجربة البشريّة من أديان وتراث وقيم مشتركة. أمّا أردنيّاً، فإنّ حقوق الإنسان هو مبدأ تأسيسي قامت عليه المملكة الأردنيّة الهاشميّة؛ فالدستور الأردنيّ الأول- القانون الأساسيّ لإمارة شرق الأردن لسنة 1928- خصّص ربع مواده لكفالة حقوق الشعب، وقد تطوّر هذا المبدأ التأسيسيّ وترسّخ في دستور مملكتنا الهاشميّة للعام 1952 ضمن فصلٍ خاصٍ، هو الفصل الثاني من الدستور، الذي يحمل عنوان "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم"، وكفل طائفةً من الحقوق المدنيّة والسياسيّة، والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، متوائماً ومجسّداً لأهم المرتكزات والأسس الحقوقية الواردة في الشرعة الدوليّة لحقوق الإنسان. اكتست حقوق الإنسان أردنيّاً ذاتيةً خاصّةً وبُعداً وجدانيّاً، تمثّل بالهوية الإنسانيّة للدولة، وتولّدت بتوفّر إرادةٍ سياسيّةٍ عليا مؤمنةً بالنهج الحقوقيّ، وساعيةً إلى تعميق هذا النهج ليصبح واقعاً معاشاً وملموساً، حيث شهد عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين توجّهاً واقعيّاً نحو مأسسة حقوق الإنسان، تمثّل بنشر الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في الجريدة الرسميّة للإقرار بإلزاميتها في المنظومة القانونيّة الوطنيّة، وإنشاء الهيئات الدستوريّة والقانونيّة الضامنة للحقوق والحريات العامة، علاوةً على التعديلات الدستوريّة المتعاقبة التي أعادت تأطير السياق الحقوقيّ تشريعياً وممارسةً. وبالتزامن مع المئوية الثانية للمملكة، أطلق جلالة الملك برامج التحديث السياسيّ والاقتصاديّ والإداري، التي خطّت خارطة طريق واضحة المعالم تجاه مستقبل الأردن ورفعته. حمل اليوم العالميّ لحقوق الإنسان لهذا العام 2024 شعار "حقوقنا، مُستقبلنا، فوراً"، ليطرح تساؤلاً حول مآل خلاصة التجربة البشريّة الحقوقيّة اختباريّاً، في الوقت الذي يشهد به العالم أزمةً وجوديةً لتطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان بعد مرور 76 عاماً على إقرار الوثيقة الحقوقيّة الأساسية "الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان"، ومرور 79 عاماً على التعهّد الدوليّ لحماية الأمن والسلم الدوليين بموجب ميثاق الأمم المتحدة في ظل استمرار العدوان الإسرائيليّ على غزة وعموم الأراضي الفلسطينيّة. منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، خاطب جلالة الملك الضمير الإنسانيّ بلغة حقوقيّة، مشيرًا إلى انتهاكات حقوق الإنسان في قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، بدءًا من مؤتمر السلام المُنعقد في القاهرة بعد أقلّ من أسبوعين على العدوان، ووصولًا إلى مخاطبة العالم من قاعة الأمم في الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر أيلول الماضي. قال جلالته: «إنّ حملة القصف العنيفة الدائرة في غزة... انتهاكٌ فاضحٌ للقانون الدوليّ الإنسانيّ، إنها جريمة حرب». وأكد أنّ "ازدواجية المعايير في القضايا الحقوقيّة" تُعدّ مسارًا يقود البشريّة نحو العودة القسريّة إلى العصر الحجريّ حقوقيّاً، وتشكل تهديدًا حقيقيًا للعيش المشترك، كما تورث اليأس والاستسلام، في محاولةٍ لاستنهاض القيم البشريّة المشتركة لوقف العدوان على غزة." يأتي اليوم العالميّ لحقوق الإنسان هذا العام داعيًا إلى تركّز الجهود لتطبيق القانون الدولي الإنساني وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات المحاكم الدولية على الجميع دون تمييز أو خضوع لمنطق القوة. فقد تعلمنا مرارًا وتكرارًا أن الذاكرة مهمة وستعود علينا، والتاريخ سيذكر العالم بتعامله مع جرائم الاحتلال، فحقوق الإنسان للجميع وفي كل مكان!
أنشئت كلية القانون عام 1999 وهي تعتبر امتداداً لقسم القانون الذي كان ملحقاً بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية. ولقد جاء تحويل قسم القانون إلى كلية مستقلة نظراً لأن موضوعات القانون هي ذات طبيعة خاصة تستدعي أن تكون ضمن كلية قائمة بذاتها .