عمان 20 تموز (بترا) بشرى نيروخ- دعا خبراء قانونيون إلى تشريع قواعد قانونية لضبط العمليات المتعلقة بعقد قرض التجمع البنكي الذي يعد من العقود ذات الأهمية والأثر البالغ على الاقتصاد الوطني خاصة في العمليات التجارية والاقتصادية الكبيرة.
وأشار هؤلاء في أحاديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) الى أهمية قرض التجمع البنكي في تمكين المستثمر من التـأهل للاقتراض من عدد من البنوك وفق سقوف مالية عليا لتنفيذ مشاريع كبيرة، موضحين أن هذا النوع من القروض ذو طبيعة خاصة تختلف عن عقد القرض التقليدي والعادي ما يستدعي وضع تشريع خاص له.
وتسعى رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى إطلاق الإمكانات لبناء المستقبل، وتمثل خريطة طريق وطنية عابرة للحكومات بمعايير طموحة وواقعية، فضلا عن تركيزها على تمكين الاقتصاد والقطاع الخاص لإيجاد فرص العمل ورفع المهارات وتمكين الابتكار، وتحقيق النمو الاقتصادي.
وكانت الحكومة أقرت مشروع (قانون تنظيم البيئة الاستثمارية وممارسة الأعمال)، تمهيدا لمناقشته في مجلس النواب، بهدف توفير إضافة نوعية وأثر إيجابي على البيئة الاستثمارية في الأردن.
يقول الخبير في القانون التجاري الدكتور عدنان العمارين إن قرض التجمع البنكي من العقود ذات الأهمية من الناحية الاقتصادية، لأنه ينظم عمليات تجارية واقتصادية ذات حجم كبير وله أثر بالغ الأهمية في الاقتصاد الوطني، داعيا المشرع إلى إيجاد قواعد قانونية لضبط العمليات المتعلقة بهذا النوع من القروض، وعدم ترك تنظيمها للأعراف المصرفية أو القواعد العامة، وإيجاد قواعد خاصة تتناسب مع أهمية هذه العقود لتماسها مباشرة بالاستثمار والمستثمرين والاقتصاد الوطني.
ويشير الخبير الاقتصادي ورئيس مجموعة الضباط المسؤولين في البنوك لمتابعة تطبيقات (فاتكا) الدكتور عدلي قندح الى أن عقد قرض التجمع البنكي ينتمي للعقود غير المسماة، لأن العقد غير المسمى هو ما لم يخصه القانون باسم معين ولم يتول تنظيمه، وبالتالي فإنه يخضع في تكوينه وفي الآثار التي تترتب عليه للقواعد العامة التي تقررت لجميع العقود، مؤكدا أهمية صياغة تشريع خاص لتنظيم أعمال قروض التجمع البنكي خاصة في ظل التوجه الكبير نحو الاستثمار في المشاريع الكبرى والتي تحتاج لتمويلات كبرى وطويلة المدى.
ويوضح قندح، وهو مدير عام جمعية البنوك سابقا، أنه على الرغم من عدم وجود تشريع ينظم أعمال قروض التجمع البنكي إلا انه وفقا للتشريع الأردني "يعد عقد قرض التجمع البنكي عقدا تجاريا لأنه يدخل في إطار العمليات المصرفية التي نص عليها قانون التجارة الأردني في المادة 6/ 1 /د".
وحسم المشرع الأردني الأمر عندما جعل جميع الأعمال المصرفية والنشاطات المالية التي تزاولها البنوك، تجارية بحكم ماهيتها الذاتية، بغض النظر عن صفة العميل المتعاقد مع البنك سواء أكان مدنيا أم تاجرا.
ويعد التنظيم القانوني لمثل هذا النوع من القروض، بحسب قندح، مسألة مهمة وضرورية جدا لتسهيل تنفيذ الاستثمارات والمشاريع التنموية في المملكة، خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية، مشيرا الى أن قرض التجمع البنكي هو ائتمان مقدم من مؤسسات مالية مصرفية ومؤسسات مالية غير مصرفية إلى جهات حكومية أو غير حكومية، ينظمه بنك، ويدار من بنك أو مؤسسة مالية أخرى، وأطرافه متعددة، ويوقع على وثيقة العقد الأطراف المعنية كافة، ومن هنا يصبح وضع تشريع خاص بقروض التجمع البنكي ملحا.
الخبير والمستشار القانوني المختص بالقضايا التجارية المحامي حذيفة بني صالح، يشير إلى أن طبيعة عمل البنوك عند ممارسة أعمالها المصرفية تتعرض للعديد من الصعوبات التي تتمثل بالحجم الكبير لبعض المشاريع التي تحتاج إلى تمويل، وكذلك السقوف المحددة التي لا يجوز تجاوزها، فضلا عن أن البنوك عند ممارستها لعملية الإقراض تخشى من المخاطر الائتمانية التي من الممكن أن تواجهها في حال تعرض المقترض لها بعد عملية الإقراض، لذلك لجأت إلى فكرة القرض المجمع أي (عقد قرض التجمع البنكي ) لأهميته في تجاوز العقبات وتحقيق الأرباح للبنوك والمؤسسات المصرفية.
لذلك، يضيف أبو صالح، تبرز أهمية هذا النوع من القروض في أنه يعد من العقود الحديثة التي ظهرت أخيرا ضمن العمليات المصرفية، حيث أن المشرع عند تنظيمه للأعمال المصرفية نظمها بنصوص قليلة، تاركا المجال أمام الأعراف المصرفية لانطباقها على هذه الأعمال.
وأشار الى أنه ومن خلال دراسة التشريعات القانونية الناظمة لأعمال البنوك لم يقم المشرع بوضع أحكام قانونية خاصة بهذا القرض، ولم يضع له أية أحكام أو ضوابط في القوانين الأردنية الناظمة للأعمال المصرفية، حيث أن البنوك الأردنية منحت العديد من التسهيلات من خلال إبرام عقد قرض التجمع البنكي على الرغم من عدم قيام المشرع بتنظيمه.
ويدعو بني صالح إلى إيجاد منظومة قانونية تنظم هذا النوع من القروض لأنه يعد من الأعمال المصرفية الحديثة، ولا تستطيع القواعد العامة احتواءها بشكل كامل لأن هذا القرض يعد ذات طبيعة خاصة.
من جهته، يقول عميد كلية القانون في جامعة اليرموك الدكتور يوسف عبيدات، إن برامج الكلية للدراسات العليا تواكب الطفرات والتطورات التي ظهرت وتظهر في كل مجالات الحياة، ويظهر ذلك من خلال تشجيع طلبة الماجستير على الكتابة في موضوعات أملتها التطورات الاقتصادية للربط بين الجانب النظري والعملي وبيان مدى ملاءمة النصوص القانونية النافذة مع هذه المستجدات، وللمساعدة في إيجاد تشريعات تضبط بشكل فعال سرعة التطور الذي يشهده المجتمع المحلي والعالمي.
ويوضح النائب محمد عقيل الشطناوي، أنه وانطلاقا من دور مجلس النواب الرقابي والتشريعي، فإننا نبحث عن الأفكار والإبداعات لإيصالها إلى أصحاب القرار وتبنيها وكذلك طرحها على اللجان المختصة في مجلس النواب من أجل البحث بها وإعطائها الأهمية الكبرى.
ويرى أستاذ القانون في جامعة اليرموك الدكتور سليم الخصاونة، أن الممارسة العملية أظهرت ما يسمى بعقد قرض التجمع البنكي، خاصة أن له خصوصية تختلف عن عقد القرض المصرفي العادي، كما يختلف عن عقد القرض المنصوص عليه في القانون المدني، لافتا إلى أن هذه الخصوصية جاءت من تشابك العلاقات.
ويضيف، إن عقد التجمع البنكي يختلف تماما عن القرض العادي، ذلك أن "العلاقة في حالة مثل هذا القرض هي بين شخص أو جهة وعدة بنوك، لتيسير قرض بملغ مرتفع لغايات تنفيذ مشروع استثماري كبير يفيد الاقتصاد الوطني".
ودعا الى تنظيم هذه العلاقة تشريعيا وبما يعزز ثقة المستثمرين في البنوك الوطنية، حيث أننا مقبلون على بيئة استثمارية تشريعية جديدة دعا إليها جلالة الملك عبدالله الثاني ضمن الرؤية الاقتصادية"، وإعادة هيكلة المنظومة الخاصة بالاستثمارات.
يشار إلى أن جامعة اليرموك ناقشت أخيرا رسالة ماجستير في القانون التجاري بعنوان "النظام القانوني لعقد قرض التجمع البنكي"، للباحث القانوني طارق صالح بني ارشيد، تطرق فيها إلى النظام القانوني لإبرام عقد قرض التجمع البنكي من حيث الطبيعة القانونية لهذا العقد وأطرافه والمراحل التي يمر بها، إضافة إلى العلاقات القانونية التي تنتج عن إبرام هذا العقد.
كما تطرق بني ارشيد في رسالة الماجستير الى الآثار القانونية المترتبة على إبرام هذا العقد والمراكز القانونية للأطراف المشاركين في إبرامه والمشاريع الاستثمارية التي لجأت إلى هذا النوع من القروض على الساحة الأردنية، فضلا عن تجربة بعض الدول في إبرام هذا العقد والخصائص والمبادئ التي يتميز بها هذا القرض عن غيره من العقود الائتمانية التي تبرمها المؤسسات المصرفية.
ويبين أن طبيعة إبرام قرض التجمع البنكي يكون عن طريق تعاون مجموعة من البنوك بموجب عقد واحد (وثيقة تعاقدية) لتمويل مقترض واحد، بهدف تغطية احتياجاته من المبالغ الكبيرة التي يحتاجها لتنفيذ مشروعه.
وأشار الى أن فكرة هذا العقد ظهرت بسبب وجود عقبات رئيسة تواجهها البنوك عند منح مثل هذه القروض؛ منها ما يتعلق بضخامة المبلغ الذي يطلبه مستثمر لتنفيذ مشروع استثماري ضخم، إذ قد يفوق هذا المبلغ قدرة بنك واحد منفردا، بالإضافة إلى تردد البنوك منفردة في الدخول بمثل هذا الحجم الكبير من الإقراض بسبب ارتفاع المخاوف من المخاطر الائتمانية التي قد تحدث للمقترض أثناء مدة العقد والتي قد تنعكس على البنك المانح للقرض، إضافة الى قيود قانونية لا تجيز للبنوك تجاوزها عند منح القروض.
ويوصي بني ارشيد في رسالته، باعتبار هذا النوع من العقود من العقود الجاذبة للاستثمار والمعززة للمشاريع التنموية التي تنعكس إيجابا على البيئة الاقتصادية للمملكة، وإفراد نصوص قانونية أو تعليمات أو نظام يحكم تنظيم عقد قرض التجمع البنكي على الساحة الأردنية وأن يتم النص على قرض التجمع البنكي من ضمن الأعمال المصرفية التي تقوم بها المؤسسات المصرفية بصريح العبارة وأن يكون لهذا النوع من القروض باب ضمن نصوص القوانين التي تنظم العمل المصرفي.
--(بترا)
ب ن/اح20/07/2022 14:59:42